احتدم الصراع بين عبد العزيز بلخادم وغريمه عبد العزيز زياري، حول تصدّر قائمة حزب جبهة الوطني بالعاصمة، في التشريعيات المقبلة، ووصل هذا الصراع حد تهديد حظوظ الحزب العتيد في الحفاظ على موقعه كأقوى تشكيلة سياسية في البلاد، بسبب تداعيات هذا التجاذب على القاعدة النضالية.
وأسرّت مصادر مطلعة من داخل الجبهة، لـ "الشروق"، أن رئيس المجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري، باشر حملة جوارية شرسة داخل أركان الحزب في العاصمة، لتحضير الأجواء لتربعه على عرش قائمة
الحزب، للحفاظ على المكاسب التي حققها في العهدة التشريعية التي تشرف على نهايتها، ومن بينها رئاسة الغرفة السفلى للبرلمان، مع ما تذره عليه من امتيازات وجاه ونفوذ حسب صحيفة " الشروق".ومما زاد من رغبة زياري، ما تناهى إلى مسامعه بأن متصدر قائمة العاصمة في التشريعيات المقبلة، سيكون له وزن أثقل مما سبق، باحتمال تربعه على عرش الوزارة الأولى، في حال ما إذا كان ينتمي إلى الحزب الفائز بأغلبية المقاعد، سيما وأن زياري جرّب رئاسة الغرفة السفلى للبرلمان، ووقف على محدودية صلاحياتها وتبعيتها للجهاز التنفيذي، ما جلب له الكثير من المتاعب السياسية والإعلامية، على خلفية سلبية تعاطيه مع مقترح مشروع قانون تجريم الاستعمار.
وذكرت المصادر أن زياري لما علم بنية بلخادم في تصدر قائمة العاصمة، ذهب إليه ليسمع منه، غير أن بلخادم أخفى عنه نية الترشح، وأكد له بأنه لن يترشح ما دام أويحيى وأبو جرة سلطاني، لن يتقدما لموعد العاشر ماي المقبل، وبالمقابل وعد بلخادم ضيفه (زياري) بأنه هو من سيكون متصدر قائمة العاصمة.
وتضيف المصادر أن تطمينات بلخادم أثلجت صدر زياري، الذي سارع إلى جمع مسؤولي ومناضلي محافظة بوزريعة التي تضم قسمة حيدرة، حيث يقطن المعني، وأبلغهم ما اتفق عليه مع بلخادم، غير أن خيبة زياري كانت كبيرة، بتحرير سبعين مسؤولا ومناضلا في المحافظة يتقدمهم أمين المحافظة ونائبه، عريضة تهدد قيادة الحزب بالتمرد في حال تصدّر زياري رأس قائمة العاصمة، كما دعوا في اللائحة بلخادم للترشح بديلا عنه على رأس القائمة، وهو الأمر الذي استقبله الأمين العام للأفلان بارتياح كبير، متمنيا دعم بقية محافظات العاصمة له.
وتؤكد المعلومات التي تسرّبت من فصول الصراع الصامت أحيانا والظاهر في أحيان أخرى، بين بلخادم ورئيس الغرفة السفلى للبرلمان، أن زياري جن جنونه بمجرد أن تناهى إلى علمه مضمون لائحة محافظة بوزريعة، وباشر مساعي حثيثة من أجل مقابلة رئيس الجمهورية ليعرض عليه المسألة، باعتباره الرئيس الشرفي للحزب، وقد وجد في زيارة الرئيس التونسي، محمد منصف المرزوقي الأخيرة للجزائر، فرصة العمر للقاء بوتفليقة، وكان ذلك في المطار عند مغادرة الرئيس التونسي، لكن خيبة زيارة كانت كبيرة، بعدم تفاعل القاضي الأول مع مطلبه.
في الجهة الأخرى، أطلق عبد العزيز بلخادم مبادرة للمّ شمل الحزب العتيد الذي يعيش على وقع حركة تقويمية، حيث أوفد الرجل النافذ في الحزب، رشيد حراوبية، لمقابلة صالح قوجيل، لمحاولة إقناعه بالتقدم بقوائم موحدة في التشريعيات المقبلة، حفاظا على أصوات الحزب من التشتت، غير أن قوجيل تمسك بمطالب حركة التقويم والتأصيل السابقة والتي من بينها تطهير اللجنة المركزية، فما كان من بلخادم أن حاول لمرة ثانية، واضطر أن يتنقل شخصيا هذه المرة إلى مجلس الأمة ليلتمس من عبد الرزاق بوحارة، التوسط لدى قوجيل من أجل التقدم بقوائم موحدة، غير أن وساطة نائب رئيس مجلس الأمة، جوبهت أيضا بالفشل، لتبقى حالة الاحتقان هي السائدة.
وبين هذا وذاك، تصر القواعد النضالية لحزب جبهة التحرير الوطني، على ضرورة أن يتم اختيار وترتيب المترشحين للانتخابات التشريعية المقبلة، في جمعيات عامة، بعيدا عن كل أشكال الإنزال الفوقي، وحذروا بالمقابل من التمرد على أوامر القيادة، في حال لم يحترم هذا الإجراء العادل، المعمول به في الأحزاب الديمقراطية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق