اتفق عدد من السينمائيين والكتّاب، على أن واقع كتابة السيناريو يعاني من أزمة، أرجعها بعضهم إلى تراجع الصناعة السينمائية في الجزائر. واعتبروا أن وجود القطيعة بين الأدباء والسينمائيين أدى إلى طغيان الرداءة. واستنكروا واقع التلفزيون الجزائري الذي فرض نصوصا ضعيفة مرتبطة بما أسموه ''سكاتس شوربة''. داعين إلى عدم تقييد الإبداع وتمكينهم من تناول المواضيع الجادة.
أصر المخرج أحمد راشدي في ندوة السينمائيين المحترفين ومحبي الفن السابع ''لقاء السينمائيين''، على اعتبار السيناريو أساس أي عمل سينمائي أو تلفزيوني، وعاد لمقولة المخرج الأمريكي الشهير إيليا كازان الذي قال إن المقاييس الأساسية لأي عمل سينمائي ناجح تتمثل في ثلاثة عناصر، وهي ''السيناريو، فالسيناريو، ثم السيناريو''، معتبرا أن أهم الأفلام التي أنتجتها السينما العالمية تم اقتباسها من أعمال أدبية. وفنّد صاحب فيلم ''بن بولعيد''، مقولة عدم وجود كتاب سيناريو في الجزائر. موضحا أن السياحة الأدبية تعج بالنصوص الممكن تحويلها للسينما، لكن القطيعة الموجودة حالت دون ذلك، فتناول تجربته مع الروائي رشيد بوجدرة.
وعاد المتحدث إلى تجربته مع الروائي الراحل مولود معمري التي أفضت إلى اقتباس جزء من رواية ''العفيون والعصا'' إلى السينما. كاشفا أن معمري قال له بعد أن شاهد الفيلم: ''الأشياء التي قمت بتصويرها أصبحت ملكك أنت''. حسب ما نقلته صحيفة " الخبر".
من جهته، تساءل الكاتب عيسى شريط في بداية تدخله قائلا: ''من هو المؤهل لكتابة السيناريو؟''، ثم أوضح أنه: ''لا بد من الاتفاق على أن السيناريو لا يملك قيمة فكرية ولا جمالية، إلا بعد أن يتحول إلى عمل سينمائي أو تلفزيوني، فالمخرج هو الذي يعطيه هذه القيمة بإحياء شخوصه''.
وبعد أن طرح شريط مسألة العلاقة المنعدمة بين الأديب والسينمائي، قال إن أزمة السيناريو تبقى مرتبطة بظاهرة عامة وهي عدم وجود صناعة سينمائية في الجزائر، الأمر الذي يرهن كل الوظائف الأخرى المرتبطة بالسينما وليس فقط كتابة السيناريو.
كما تساءل لمين مرباح قائلا: ''هل يوجد عندنا فعلا كاتب سيناريو؟. موضحا أن ظاهرة لجوء المخرج لكتابة سيناريو الفيلم الذي يريد إخراجه انتشرت عقب الاستقلال، بسبب الفراغ الذي كان موجودا في مجال كتابة السيناريو، فتكفل بمهمة ليست خاصة به.
وأضاف مرباح: ''لكن مع مرور السنوات ومع احتكاك الأدباء بالسينمائيين، بدأ يبرز كتّاب سيناريو أمثال الروائي رشيد بوجدرة''. داعيا إلى ضرورة إحداث تقارب بين الأدباء والسينمائيين.
وأرجع المتحدث أسباب رداءة الإنتاج التلفزيوني الجزائري، إلى رداءة السيناريوهات التي تكتب حاليا. وهي نفس الفكرة التي طرحها بوعلام عيساوي، رئيس جمعية المنتجين الجزائريين، الذي قال: ''يوجد فعلا أزمة سيناريو في الجزائر، وكل ما نشاهده في التلفزيون مرتبط بمواضيع رديئة''. وانتقد عيساوي سياسة الإنتاج حاليا والمرتبطة بالظرفية، وأصر بدوره على الحديث عن القطيعة الموجودة بين الأدباء والسينمائيين، وقال إن الفضاءات التي تسمح بهذا اللقاء غير موجودة. وأثناء النقاش عاد أحمد راشدي إلى مسألة اللغة السينمائية، وقال: ''لغة الشارع التي تتحدث بها السينما غير متحكم فيها في الجزائر''. وهو الأمر الذي أكده الروائي أمين الزاوي الذي اعتبر أن لغة السيناريو هي الحلقة المهمة في أي عمل سينمائي أو تلفزيوني ناجح.
ويعتقد الدكتور الزاوي أن السينما لا تتطور إلا في المجتمعات التي تستهلك الثقافة. مؤكدا أن أسباب تخلّف الإنتاج السينمائي والتلفزيوني في الجزائر، مردها عدم إلمام السينمائيين بفن الرواية والفن التشكيلي. وبخصوص اللغة قال الزاوي: ''اللغة الفرنسية تسهل كتابة السيناريو، لأنها لغة تملك تقاليد سينمائية، أما بخصوص اللغة العربية فمن الصعب التحكم فيها لمّا يتعلق الأمر بكتابة السيناريو''.
وفي نفس السياق، قال عبد العزيز بن محجوب (المعروف أدبيا باسم حبيب أيوب)، المعيّن منذ أسبوعين على رأس معهد السمعي البصري ببرج الكيفان، إن كتاب السيناريو في الجزائر بحاجة لمزيد من الثقافة الأدبية والفنية. معتبرا أن ورشات تعلّم كتابة السيناريو التي تقام من حين لآخر والتي تدوم خمسة عشرة يوما غير كافية لتكوين كاتب سيناريو.
ولدى حديثها عن واقع كتابة السيناريو، قالت فاطمة هواري إن التلفزيون الجزائري يشجع نصوص تلفزيونية تتمحور حول ''سكاتش شوربة'' تبث في شهر رمضان، وترفض سيناريوهات فيها حبكة معينة، ودعت إلى ضرورة تحرير الإبداع وترك المؤلفين يتناولون مواضيع جادة غير تلك التي يريدها التلفزيون الجزائري حاليا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق