تراجع أول أمس، ممثل الديوان الوطني للخدمات الجامعية عن التأسس طرفا مدنيا في القضية المتهم فيها 24 مديرا للإقامات الجامعية والجهوية، على اعتبار أن الديوان لم تلحقه أي خسائر مالية جراء إبرام الصفقات التموين التي أكد بشأنها المدراء المتهمون أنها كانت استعجالية ووفق القانون الذي سمح بصفقات التراضي بعد اللجوء لاستشارات محدودة لضمان السير الحسن للإقامات وتفادي النقص الذي من شأنه أن يؤجج الطلبة في ظل تأخر التأشير على دفتر الشروط، مؤكدين أن الإمضاء على الصفقات واختيار الممونين مسؤولية لجنة الصفقات والديوان الوطني للخدمات.
تصريحات المتهمين جاءت في ظل إقرار رئيسة الجلسة بوجود غموض في الملف وملابسات، خاصة أن الخبرة القضائية الثانية لم تأت حسب القاضية بالجديد، وبالتفصيل والتدقيق استجوبت القاضية المتهمين 28 المتابعين بجرم مخالفة التشريع والتنظيم المعمول به في الصفقات العمومية ومنح امتيازات غير مبررة· وجاءت هذه الاتهمات على خلفية تحريك شكوى مجهولة للفرقة الاقتصادية المالية بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية في 15 جوان 2005 بشأن تجاوزات على مستوى الإقامات الجامعية فيما يخص صفقات التموين، استدعت فتح تحقيق داخلي من قبل مدير الديوان الوطني للخدمات الجامعية وإيفاد مراقب مالي حقق في الصفقات بين سنتي 2002 و2005 توصل إلى تحكم ممونين في سوق الصفقات ويتعلق الأمر بكل من (ب·م) و(ق·م) و"سارل البهجة". حسب ما نقلته صحيفة " البلاد".
الخبرة تؤكد خرق القانون ومنح امتيازات للممونين
ورد في التقرير المحرر من طرف الديوان الوطني للخدمات الجامعية فيما يخص صفقات التموين، أنها كانت مخالفة للمرسوم 250/02المعدل والمتمم بالمرسوم ,2003 حيث تبين من التقرير عدم احترام مبدأ المساواة في فوز الممونين إذ يحصل صاحب أحسن عرض وليس الأقل، كما أشار إلى عدم اتخاذ إجراءات المنافسة عن طريق الاستشارة القانونية واللجوء إلى العقود بالتراضي أو عن طريق سندات بالطلب دون احترام نصوص الصفقات العمومية، إضافة إلى تضخيم الفواتير وتجزئة الصفقات إلى عدة صفقات تهربا من التطبيق قانون الصفقات العمومية· كما تين من فواتير المخالصة أن الأسعار المدونة فيها غير متطابقة مع جدول الأسعار الوحدوي بالغرض الذي فاز بالمنح المؤقت بالنسبة لنفس الإقامة ونفس السنة المالية· كما جاء في الخبرة أن الصفقات كانت تمنح للمونين قبل المصادقة عليها من طرف اللجنة الولائية للصفقات العمومية·
مدراء الإقامات:
لم نخرق القانون وأجبرنا على عقود بالتراضي لوقف انفجار طلابي
دام استجواب مدراء الإقامات الجامعية شرق، وسط وغرب أزيد من 5 ساعات، حيث كانت البداية بالمتهم الموقوف (ب·ب) الذي كان مسؤولا عن إقامات باب الزوار وبعدها إقامة درفانة، حيث أكد احترامه خلال فترة تسييره كل الإجراءات المتعلقة بتموين المطاعم، مبررا اللجوء لسندات الطلب إلى تأخر الديوان في منح الاعتمادات المالية في ظل ضرورة إيجاد حلول لضمان السير الحسن للمطاعم الجامعية· أما مدير إقامة بن عكنون (ع·ج) أكد أن اللجنة الولائية ولجنة صفقات هي المسؤولة عن اختيار الصفقات والمصادقة عليها، موضحا أنه تم تسجيل تأخر في دفع الميزانية خاصة أن فترة 2003 و2004 تزامنت مع زلزال بومرداس، حيث أعطيت تعليمات حينها لترميم الإقامات والتعجيل في المشاريع المتعلقة بها· ونفى تصخيم الفواتير مصرحا أن عدم إدراج بعض الخضر والفواكه في القائمة الاسمية للعارضين كان بسبب أنها ظرفية وليست دائمة التوزيع في المطاعم· وأكد أن الأسعار الموجودة في جدول الأسعار هي نفسها المدونة في الفواتير نافيا منح امتيازات في العروض المقدمة لممون على حساب آخر، وهذا ما أكده أيضا مدير إقامة بني مسوس (ع·ع) الذي أدار شؤون الإقامة من 2003 إلى غاية منتصف ,2004 حيث صرح أن المراقب المالي لم يحضر إلى الإقامة ولم يستدعه وأكد أنه عمل وفق القانون في منح مؤقت للصفقات، واللجوء لاستشارات محدودة للعمل بالتراضي البسيط، نافيا القيام بصفقات بالتجزئة وهذا نظرا لضمان السير الحسن للإقامة، كون إجراءات التأشير على الصفقات تأخد وقتا طويلا· كما أن القانون القديم كان يجيز العمل بالتراضي وكذا الاستشارات·
يذكر أن المتهم حاليا يشغل منصب مدير جهوي للخدمات الجهوية بتيزي وزو بعد ترقيته، وحسب محاميه فقد دفع موكله ثمن نزاهته، حيث تعرض لاعتداء ومحاولة القتل بعد تحريك شكوى بشأن تجاوزات اكتشفها عند تسلمه المهام·
من جهته أكد مدير إقامة بوراوي بالحراش التزامه بالقانون في مجال الصفقات المعلن عنها والتي حظيت بالمصادقة، نافيا اللجوء إلى التجزئة في الصفقات أوالعمل بالاستشارات· كما ذكر "د·ع" مدير إقامة عميروش، الذي شغل المنصب من 2002 إلى غاية ,2004 احترامه للقانون موضحا أن الصفقات المبرمة للتموين لا تتجاوز مبلغ 600 مليون سنتيم باعتبار أن الإقامة صغيرة وبالتالي لم يلجأ إلى قانون الصفقات العمومية، ونفى مسؤوليته في مجال الصفقات التي تعود للجنة الولائية، كما أكد أن المراقب المالي لم ينتقل إلى إقامته·
هذا وأجمع كل من مدير إقامة دالي إبراهيم وبوزريعة على أن الإقامة لجأت إلى التراضي بعد رفض المصادقة على الصفقات والعمل بسندات الطلب بعد إصدار مدير الديوان تعليمات تجيز لهم العمل وفق هذه الحلول كون عمل مديريات الخدمات لم تكن قد دخلت حيز التنفيذ بعد، خاصة أن تلك الفترة كانت مرحلة انتقالية وتم فيها عدة تحولات مع تنصيب مدراء الخدمات الجامعية· وأكد أغلب مدراء الإقامات أن التأخر في إعداد دفتر الشروط والتأشير على الصفقات إجراءات مطولة، ولأن عملية الإطعام ضرورية لا تحتمل تسجيل نقص، فإن اللجوء إلى عقود بالتراضي كان حتميا لتأمين حاجيات الطلبة وتفادي انفجار داخل الإقامات خاصة أنه سجلت عدة وقفات احتجاجية على الإطعام حينها· وعن منح المؤقت أو عقود بالتراضي لفائدة الممونين "ب·ق" و"ع·ع" فصرحوا أنهم تقيدوا بالإجراءات القانونية المعمول بها في اختيار الممونين الذي تعتبر اللجنة الولائية ولجنة الصفقات وتقييم العروض هي المسؤولة عنه·
كما نفى مدراء الخدمات الجامعية على غرار كل من "أ·م" و"ر·خ" إلى جانب س·م"، مخالفة لقانون الصفقات· وذكر المدير السابق للخدمات الجامعية وسط أن كل مرحلة تتبع إجراءات حسب الظروف والمعطيات وبصفة موضوعية، ولما تتوفر الشروط فإن الصفقات تتم طبقا للنصوص المعمول بها، كما أن اللجوء حسبهم لعقود التراضي أو صفقات بالتجزئة كان بسبب تأخر دفتر الشروط ومنح الاعتمادات المالية بالنسبة للإقامات·
ممثل الديوان "نحن لم نتضرر، وعنصر الاستعجال وسوء فهم قانون الصفقات هو السبب"·
وبعد التماس النيابة تسليط عقوبة 3 سنوات على المدراء والمونين فإن ممثل الديوان تفاجأ وتراجع عن التأسس طرفا مدنيا على اعتبار أن الديوان لم يتضرر، كما أن عنصر الاستعجال في تموين المطاعم الجامعية والإصلاحات التي قام بها الديوان لنقل بندي الإطعام والإيواء لمديريات الخدمات الجامعية هو ما خلف هذه المشاكل، خاصة في ظل سوء فهم قانون الصفقات الجديد وتطبيقه ميدانيا، في حين اتجه الأغلب إلى صراعات بعض الممونين منها النقل الجامعي· واعتبرت هيئة الدفاع أن اللجوء إلى التراضي البسيط بعد الاستشارة كان وفق نصوص قانونية، كما أنه لا يمكن تطبيق نص المادة 26 على قانون جديد وأكدوا على عدم توفر أركان تهمة مخالفة للتشريع في الصفقات أو منح امتيازات· كما أشاروا إلى أن المتهمين لا يزالون يمارسون مهاهم على مستوى مختلف مديريات الإقامات مما يؤكد كفاءتهم وعدم مخالفتهم للقانون·
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق