الأحد، 8 جانفي 2012

يحدث بالجزائر: يبيتون في العراء تحت درجة الصفر بعد أن رفضت المستشفيات استقبالهم.. والد الأشقاء المربوطين بالسلاسل:مسؤول في الدولة قال لي ما تبهدلناش في الصحافة


دخلنا عام 2012 ونعيش الآن درجة حرارة تحوم حول الصفر المئوية في منطقة دوار بئر الهنشير بولاية أم البواقي مع بدايات جانفي وهي عاصمة الجليد في الجزائر.

عادت الشروق اليومي إلى عمي السعيد عناب الذي احتفل بشتائه الستين، شيخ أقسم لنا أنه لم يضحك منذ ثلاثين عاما، لنُصدم بحاله وهو بصدد تقييد أقدام أبنائه الأربعة بالسلاسل الحديدية التي صدأت حول سيقانهم، إذ مازالوا على نفس الحال معتوهين وخطرين، أصغرهم في سن الواحدة والعشرين، حالهم أشبه بالماشية، ولا حلم لوالدهم سوى نقل أبنائه إلى مستشفى للأمراض العقلية بعد أن رفضت استقبالهم بسبب عنفهم مختلف المصحات كما حدث في مستشفى جبل الوحش بقسنطينة الذي استقبلهم لمدة ثلاث أسابيع ثم استدعى الوالد لتسلمهم حتى لا تحدث مجزرة للمرضى، وقال لنا عمي السعيد إنه يعاني نفسيا كلما كتبت عن حالته الشروق اليومي، حيث أن مسؤولا كبيرا من وزارة التضامن زاره.

كما قال عمي السعيد في بيته رفقة مسؤولين من مديرية الشؤون الاجتماعية وطلب منه أن لا يبكي همّه للصحافة وقال له بالحرف الواحد: "راك بهدلت بينا" قالها عمي السعيد وهو يذرف الدموع: "أحس أحيانا أنني مجرم وأنا أقيد أبنائي بالحديد ألا استحق السجن؟" سألناه كيف يعيش مع أبناء أربعة معتوهين وزوجة مقعدة بمرض الربو في هذا الطقس الجليدي، فذكّرنا بأن الدشرة التي يسكن فيها لا تحمل اسما فكيف لها أن تكون مزودة بالغاز الطبيعي، لأجل ذلك فإن الأبناء تعودوا على البرد وهم يمشون في الغالب حفاة على الجليد.

والغريب أن عمي السعيد لا يطلب من المحسنين إلا أغطية ثقيلة حتى يقي أبناءه البرد بعد أن رثت القديمة بسبب تبول الأبناء وتغوّطهم عليها، عمي السعيد روى بألم مصيبة أبنائه بعد زواجه من ابنة عمه، فأكبرهم لمياء التي بلغت 32 عاما وبلغ زمن تقييدها بالحديد عشرين عاما، أما محمد الذي بلغ سن 26 فإنه عنيف وكلما خرج من البيت إلا وهرب أطفال القرية خوفا من عنفه، بينما يهيم حسين البالغ من العمر 23 عاما على وجهه وقد بحث عنه والده مرة لمدة أسبوع ليكتشفه مع الذئاب في جبال أم البواقي.

أما أصغر المرضى فهو عبد الرشيد "المنغولي" الذي أصابته عدوى العنف مثل إخوته، سألنا إمام جامع الأمير عبد القادر بقسنطينة الدكتور شوقي عن الأب الذي تجبره الظروف على تقييد أبنائه بالحديد فذكر قصة المرأة التي قيدت هرّة فأدخلها عملها النار، لكنه إذا لجأ المرء لارتكاب الضرر الأصغر دفعا للضرر الأكبر صار الأمر ممكنا وعلى المجتمع مساعدة هذه العائلة البائسة، أما إذا كان هو المتسبب في هذه الحال فعلى المسؤولين التدخل؟

الجزائر – الشروق: ناصر


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق