شاليهات "منظفة" بالويسكي وراقصات من أوروبا لإحياء الريفيونعلى عكس رأس السنة الهجرية التي مرّت بسلام، فإن حروبا مادية وأخلاقية ضروسا اندلعت منذ بداية شهر ديسمبر لأجل رأس السنة الميلادية التي ستفتح باب عام 2012... وإذا كان الاختلاف عن الوجهة التونسية مازال قائما بين خائف من المجهول ومسارع لأجل الاستفادة من الأسعار التنافسية التي قدمتها هذا العام المركبات السياحية في طبرقة وسوسة والحمامات، حيث وصلت إلى رقم 3000 دج فقط لليلة الواحدة، فإن حرمان بعض الجزائريين من الحصول على الفيزا جعلهم يسارعون الزمن ويصلون إلى حلول يدفعون ثمنها غاليا ماديا ومعنويا. باريس التي تعيش أشهر الاحتفالات بمناسبة رأس السنة الميلادية، خاصة في شارع الشانزليزيه، حرمت بعض أثريائها من القدوم إليها بسبب إشكالية التأشيرة، فقرروا أن ينقلوا البذخ الذي يقام فيها إلى هنا في قلب بعض السكنات الفاخرة والشاليهات الساحلية الموجودة بين العاصمة والقالة ووهران، ولأن حفلات الفنادق مكشوفة أمام الناس، فإن البحث عن المسكن المختار لهذا البذخ بدأ منذ فترة ليست بالقصيرة، وبدقة ليكون بعيدا عن الأعين، وبالخصوص عن الأسماع لأن احتفالات الصخب ستكون في أعماق الليل، وهناك من اقترح فيلته الفاخرة للإيجار ليوم واحد بسعر لا يقل عن الثلاثين مليونا مع حضوره الحفلة، وهناك من منح شاليه الخاص الذي من العادة أن يقضي فيه بعض أيام الصيف أو يكتريه مقابل سعر لا ينزل عن العشرة ملايين لليلة الواحدة، وفي العموم يكون أصحاب الفيلات والشاليهات ضمن الحضور حتى تكون أشياءهم الموجودة في الفيلا تحت المراقبة، لأن السكارى في منتصف الليل قد يسرقون أو يخربون التحف الموجودة.. يحدث هذا رغم أن المدن الجزائرية قاطبة صارت مليئة بالقاعات الخاصة بالحفلات، ولكن أصحابها يرفضون أن تؤجر لحفلات رأس السنة الميلادية لأن هذه الحفلات في العادة مليئة بالصخب وبالخمور، بينما تُعرف هاته القاعات الحضور العائلي الخاص بالأعراس، وتوجد صالة في ولاية قسنطينة تركها أصحاب الأعراس منذ أن عرفوا أنها شهدت ليلة صاخبة في رأس السنة الميلادية السابق، آخرون لجأوا إلى فنادق تونس القريبة، ومنها المركبات السياحية في طبرقة التي لا تبتعد عن الحدود الجزائرية عبر مركزي العيون وأم الطبول بولاية الطارف، بأكثر من نصف ساعة سيرا عبر سيارة سياحية، حيث علمنا أن مركبا سياحيا صغيرا تم استئجاره من ملياردير جزائري، وسينقل الساهرون والساهرات عبر حوالي عشرين سيارة سياحية، وكل طاقم المركب السياحي في خدمتهم، وهي الحفلة التي كلفت صاحبها أزيد عن المئتي مليون سنتيم دفعها بالأورو طبعا 20000 أورو.. كل هذه الحفلات سواء داخل أو خارج الوطن تتطلب تواجد الجنس اللطيف، وكالعادة فإن المهمة تبدو صعبة جدا بسبب تزامن هذه الحفلات مع العطلة الجامعية، حيث خلت قرابة الثلاثمائة إقامة جامعية من الطالبات اللائي من العادة هنّ القادرات على صنع أجواء السهر، وإمكانية المبيت خارج البلد أو في الصالات البعيدة مادمن مقيمات بعيدا عن منازل أهاليهن، كما أن حجز عشرات الآلاف من زجاجات وكانيتات المشروبات الكحولية في شهر ديسمبر دليل على أن أكثر الأيام تعاطيا للخمور في الجزائر هي نهاية شهر ديسمبر والليلة الموعودة، وبلغ البذخ ببعض الأثرياء أن قاموا بتنظيف بلاط الفيلات بواسطة الخمور المسماة راقية مثل الويسكي، ولأن الصور القادمة من فرنسا تقدم تقاليد الاحتفال، فإن معظم المحتفين برأس السنة الميلادية يقلدون هاته النماذج، بدءا بالطبخ الفرنسي من أسماك باهظة الثمن، وديك رومي بالأرز، وانتهاء بالكعكة المسماة لابيش والشامبانيا وغيرها من الحلوى والفواكه والمشروبات الروحية، ولا تتفاجأ عندما تجد شجرة الأرز الميلادية في فيلا فاخرة، ولا حتى بابانويل الضخم الذي يجعلك تحتار كيف تم إدخال كل هذه الأشياء عبر المطارات والموانئ، أو كيف تم تصنيعها في الجزائر، رغم أن بابا نويل في فرنسا لا يتم تقديمه سوى في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر، وليس رأس السنة الميلادية؟ أما عن المغنين فبعد أن عاشت الأغنية الجزائرية هجرة مستمعيها أصبح الفوز بأي مغني أو مغنية أمرا سهلا دون دفع الكثير من الأموال، وحتى تسفيرهم إلى تونس، لا يكلف أكثر من موافقتهم على مبلغ الحفلة، خاصة أن الطريق السيار اختصر المسافة بين العاصمة الجزائرية والحدود التونسية إلى قرابة الخمس ساعات فقط، أما عن الراقصات فهن الأوفر حظا ماديا، حيث لهن الخيار بين الملاهي وهذه الحفلات الخاصة جدا، حيث يجدن ما يطلبن رغم منافستهن من طرف صديقات المدعوين للحفلة الموعودة في الفيلات الفاخرة التي معظمها مهيأة بالشاشات التلفزيونية العملاقة من نوع بلازما ويسهر صاحب الحفلة على نقل الحفلات الراقصة التي تبثها بعض القنوات الغربية، ليستعين بها بدلا عن المغني الذي حضر معه أو لعرض حفلات وأفلام جنسية تزيد من لهيب السهرة الخاصة جدا، التي تبدأ بالغناء والرقص ثم تنتقل إلى الخمور وربما المخدرات وتنتهي بالقبل والأحضان وما بعدها من سهرات جنس إلى غاية الصباح... الحضور يتم اختياره بدقة وأحيانا يشاركون في تكاليف هذه الحفلات السرية الصاخبة التي يختلط فيها حابل الذكور بنابل الإناث مع توفر اللباس الفاخر المثير بالنسبة للنساء من العطور، وأفخر أنواع الماكياج، خاصة أن بعض الحفلات يراد منها اصطياد عريس المستقبل للبنات، بالنسبة للحفلات التي تأخذ طابعا عائليا وحميميا بين المعارف... هذه الحفلات وحتى ينجو أصحابها من أي مفاجأة غير سارة يصطحبون معهم حراسا خصوصيين وحتى كلابا مفترسة لا تقبل حتى الفضوليين ليعيشوا ولو بالنظر عالم آخر ولكنه هنا؟. الجزائر - الشروق: ناصر |
السبت، 31 ديسمبر 2011
جزائريون يصرفون 200 مليون على ليلة الميلاد ولا يتذكرون رأس السنة الهجرية: أسرار أغرب من الخيال عن الريفيون في الجزائر
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق