وضع حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، مصير الانتخابات التشريعية المقبلة على المحك، بإعلانه قرار المقاطعة، فيما ينتظر أن تحسم جبهة القوى الاشتراكية، التي يرأسها الزعيم التاريخي حسين آيت أحمد، موقفها الجمعة المقبل.
مقاطعة حزب سعيد سعدي للانتخابات التشريعية، جاءت في وقت كثفت فيه الحكومة ومن ورائها وزارة الداخلية، من توجيه الرسائل القصيرة (آس آم آس) التي تحث المواطنين على القيام بـ "الواجب الانتخابي"، وكذا دعوة الأحزاب السياسية لانتقاء مرشحين ذي مصداقية للتشريعيات المقبلة، للتأثير على الناخب وجلبه إلى صناديق الاقتراع.
من هذا المنطلق، يبدو قرار "الأرسيدي" بالمقاطعة، بمثابة ضربة سياسية لمساعي وزارة الداخلية، وفرقعة إعلامية موجهة للخارج، من شأنها أن تزرع الشكوك حول مصداقية التشريعيات المقبلة، التي تراهن السلطة على إنجاحها بكل الوسائل، سيما وأن الدكتور سعدي، سبق له وأن اشتكى سطحية الإصلاحات السياسية للاتحاد الأوربي والولايات المتحدة الأمريكية.
مبررات المقاطعة التي ساقها حزب سعيد سعدي، تقنية وسياسية بالدرجة الأولى، طغت عليها اعتبارات سبق للكثير من الأحزاب أن رفعتها، مثل الشكوك التي تحوم حول عدد المسجلين في القوائم الانتخابية، وما تعلق بتجاوز عتبة الهيئة الناخبة الـ21 مليونا، وهو ما دفع حزب سعدي أن يعتقد أن اقتراع العاشر ماي المقبل "يتعارض والضمير الأخلاقي والقيم السياسية التي ميزت نضال التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" حسب ما أوردته صحيفة " الشروق".
غير أن السؤال الذي طرحه أكثر من متتبع لمسيرة ومواقف الأرسيدي منذ نشأته، هو: هل أن الدوافع الحقيقية للمقاطعة، تتعلق أساسا بالخوف على نزاهة الانتخابات والجو السياسي الذي يطبع الوضع العام في البلاد، أم أن وراء المقاطعة حسابات سياسية لم يتجرأ الدكتور سعدي على البوح عنها؟
يتفق الجميع على أن التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، سبق له وأن شارك في انتخابات عديدة لم تكن تتوفر فيها أدنى ضمانات الشفافية والنزاهة، ولعل الكثير لا زال يتذكر حضوره تشريعيات 1997، التي شهدت أكبر عمليات تزوير مفضوحة في تاريخ البلاد، كما لم يتخلف عن تشريعيات 2007، التي كانت نسبة المشاركة فيها الأضعف في تاريخ البلاد، فلماذا قرر إذن مقاطعة تشريعيات 2012، وهي التي ينتظر أن تشهد ضمانات غير مسبوقة، بإعلان رئيس الجمهورية، استحداث لجنة للإشراف القضائي؟
ويقرأ المحللون في مقاطعة حزب سعدي للانتخابات التشريعية هروبا من احتمال مواجهة غريمه التقليدي في منطقة القبائل، جبهة القوى الاشتراكية، التي ستحسم الجمعة المقبل في أمر مشاركتها في الانتخابات التشريعية القادمة، في وقت بات فيه حزب "الدا الحسين"، أقرب إلى المشاركة منه إلى المقاطعة، بالنظر إلى الرسالة التي بعث بها آيت أحمد للمشاركين في الندوة الوطنية للحزب، والتي من بين ما جاء فيها، قوله، إن "المقاطعة لا يمكنها أن تشكل بديلا فعالا عن المشاركة" في الانتخابات المقبلة.
ومنذ العام 1997 لم يتواجه التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية مع غريمه جبهة القوى الاشتراكية في أية انتخابات تشريعية، ومنذ النكسة التي تعرض لها حزب سعدي في تشريعيات 1991 على يد غريمه التقليدي، حيث فشل الأرسيدي في الحصول ولو على مقعد واحد، بل حتى رئيسه سعيد سعدي سقط في تيزي وزو يومها أمام مرشح الأفافاس.. وهو ما يدفع للتساؤل، حول ما إذا كانت مقاطعة الأرسيدي لها علاقة باحتمال مشاركة "حزب الدا الحسين" في موعد ماي المقبل؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق