الأربعاء، 1 فيفري 2012

عالم‭ ‬الانتخابات‭ ‬عند‭ ‬الدكتور‭ ‬هادف

وأخيرا، عاد الدكتور هادف، وعاد معه الأمل، وانقشعت الغيوم، وتفتحت الأبواب، واتضحت بوادر التغيير، وتحسنت آفاق الحياة في البلاد، وظهرت ملامح الخير. ومع عودة حزب الأمل، ذاك التنظيم الذي يعيش عن طريق البلاغات أصبح التغيير ممكنا، مما يلبي أحد المطالب الأساسية للشعب الجزائري، ويضمن استقرار البلاد.

وبفضل الدكتور هادف، تتغير الممارسة السياسية بصفة جدرية، حيث أصبحت البرامج بسيطة إلى درجة أنها تقتصر على نصف صفحة في الجريدة، بكلمات بسيطة، وعبارات بدائية. ولا مجال للتجنيد والتنظيم والتأطير مع الدكتور هادف، حيث يكفي نشر البرنامج في الصحافة ليتجمع المناضلون والإطارات ويلتف الشعب حول الزعيم والحزب، خاصة لما يطمع المترشح أن يدخل البرلمان دون جهد ودون برنامج ولا قناعة سياسية. وبهذا يشارك الحزب والمرشح في عملية منظمة لتحطيم العمل السياسي.
ويجب الاعتراف أن  وزارة الداخلية تساهم في هذه العملية. وتعرف الوزارة أن المرحلة التي تسبق الانتخابات تفتح كل الأطماع، فتفتح المجال لإنشاء أحزاب جديدة لتشارك في اقتسام الغنيمة. وتحقق ذلك من خلال السماح للأحزاب الجديدة من تنظيم مؤتمرات تأسيسية والاستعداد للمشاركة في الانتخابات. وستستفيد كل الأطراف من العملية، حيث ستسكت بعض الأصوات الغاضبة، وترتفع المشاركة في الانتخابات، ويجد المراقبون الأجانب صورة مقبولة للجزائر السياسية. إضافة إلى ذلك، سيكثر الكلام عن الملفات والإجراءات القانونية لتأسيس الأحزاب، ولن يتكلم القوم عن البرامج والمشاريع السياسية...
وبعد أسابيع، ستدخل البلاد مرحلة جديدة، لما تشرع الأحزاب في تحضير القوائم الانتخابية. وسيتصارع القوم لريادة القائمة، ليضمنوا مكانا لدخول البرلمان. وسيبحثون عن شخصيات تحميهم وأخرى تدافع عنهم، كما يبحثون عن رضا الوالي والمسؤول السامي، وإن لم يفلحوا سيتكلمون عن خبراء في علم "الشكارة". وبعدها سنسمع كل الذين لم يضمنوا لأنفسهم مكانا لائقا بمكانتهم، يندّدون بالأحزاب التي لم تعترف بعبقريتهم، ويقولون إنها أحزابا لا ديمقراطية، لا تعترف بالكفاءات ولا تحترمها، مما دفعهم إلى تقديم قوائم مستقلة لأن البلاد بحاجة إلى علمهم ونضالهم... وسينتقل جزء منهم من حزب إلى حزب إلى أن يضمنوا مكانا مقبولا في القائمة مقابل الوعد باقتسام الغنيمة...
ثم تأتي أهم مرحلة، وهي الحملة الانتخابية. وتعطي الإدارة لكل قائمة جزء من حائط لتعليق الصور، وتقسم عليهم قاعات الحفلات لتنظيم المهرجانات، وللكلام في الإذاعة والتلفزيون. ولا شك أنها ستكون أغرب مرحلة، لما يقف أناس لا برنامج ولا قناعة لهم، ليخطبوا في جمهور يعرف أنهم دفعوا أموالا للترشح، ورغم ذلك يكلمونهم عن مصير الوطن وعن الوحدة الوطنية والوفاء للشهداء...
وحتى الأحزاب التي كان لها منطلق إيديولوجي، فإنها ستجد نفسها في مأزق، حيث لا معنى ليمين أو يسار منذ بدأ أحمد أويحيى السياسة، ولا معنى للديمقراطية منذ حمل الأرندي هذه التسمية، ولا معنى لحزب إسلامي منذ أن أبدع حماس في الانتهازية. أما الوطنية، فقد قضى عليها الأفلان منذ اخترع "الدوبرمان" وفرضه في الحياة السياسية.
وأمام هذا الوضع، وأمام العودة القوية لحزب الأمل الذي يتزعمه الدكتور هادف، ماذا بقي لمواطن جزائري بسيط يريد أن ينتخب، وماذا بقي لمناضل حقيقي يريد أن يترشح؟

عابد شارف " الشروق"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق