يتوجه غدا الأحد المدير العام لمركب الحديد والصلب أرسيلور ميطال عنابة، الفرنسي فانسون لوغويك، إلى محكمة الحجار المختصة إقليميا لإبلاغها بالإفلاس الرسمي للمركب وتوقفه عند الدفع منذ 31 ديسمبر الفارط مما ترتب عنه عدم قدرة المجمع عن الوفاء بالتزاماته ومنها الدفع المنتظم لمستحقات العمال وضمان السير الطبيعي لمختلف وحدات المصنع، بسبب توقف بنك الجزائر الخارجي عن تمويل عمليات المركب في إطار الاتفاق المبرم بين الطرفين في مارس الفارط والقاضي برعاية الحكومة والقاضي بتمويل خطة الاستثمار التي أعلنها الشريك الهندي والممتدة إلى غاية 2015.
وكشف الأمين العام لنقابة عمال أرسيلور ميطال عنابة إسماعيل قوادرية، في تصريحات لـ"الشروق" أن القرض الذي التزم بنك الجزائر الخارجي بمنحه للمركب يقدر بـ200 مليون دولار، أي ما يعادل 14 مليار دج، إلا أن البنك رفض الالتزام بتقديمه بحجة عدم كفاية الضمانات التي تقدم بها الشريك الهندي للبنك والمتمثلة في جزء من منقولات المجمع بما يعادل 621 مليون دولار (46 مليار دج)، إلا أن البنك رفض وجدد مطالبه بضمانات أكثر أهمية، مما دفع بالمركب إلى تقديم قطة الأرض التي يقع عليها المركب كضمان، وهو ما يعتبر بالعملية غير القانونية على اعتبار أن قطعة الأرض ليست ملكا للشريك الهندي، بل هي ملك للدولة الجزائرية ولا يمكن تقديمها كضمان من طرف أجنبي.
ونفى المتحدث المعطيات التي كشفها وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، محمد بن مرادي والتي مفادها تقديم 1.5 مليار دج من بنك الجزائر الخارجي للشركة.
وقال قوادرية إن العمال يرفضون استعمالهم كرهائن من أي طرف لتحقيق أغراض سياسية مهما كانت طبيعتها، مضيفا أنه لم يتبق أمام الشريك الهندي الذي انتهى عقد شراكته خلال سنة 2012، سوى تقديم ضمانات أكثر موضوعية من قبيل تقديم أسهم للحكومة الجزائرية كضمانات للقرض الذي سيتحصل عليه من بنك الجزائر الخارجي إذا كان يريد فعلا الاستمرار في العمل بالجزائر.
وتقدر حصة الجزائر في رأسمال المركب حاليا بـ30 بالمائة عن طريق شركة سيدار للحديد والصلب، فيما تقدر حصة الشريك الهندي أرسيلور ميطال بـ70 بالمائة، وترغب الحكومة بشكل أو بآخر رفع حصتها في أي صيغة جديدة للتفاهم إلى51 بالمائة على الأقل مقابل 49 بالمائة للطرف الهندي الذي يعاني من ديون عالمية تقدر بـ18 مليار دولار ومتاعب جمة نتيجة الانكماش الاقتصادي العالمي، على عكس الجزائر التي تتوفر على فرص نمو هائلة جدا بسبب الطلب العمومي المرتفع الذي يدعمه برنامج إنفاق يقدر بـ286 مليار دولار في مجال البنية التحتية والإسكان.
وبلغ إنتاج المركب سنة 2011 حوالي 600 ألف طن من مختلف المنتجات الحديدية ومنها حديد الخرسانة والأنابيب والمواد المسطحة المختلفة، فيما بلغت احتياجات الجزائر السنوية 5 ملايين طن، وبلغت فاتورة واردات الجزائر سنة2011 لوحدها من الحديد والصلب 10 ملايير دولار وهو مستوى قياسي لم يسجل منذ الاستقلال، منها 731 مليون دولار من طرف مجموعة سوناطراك لوحدها التي تلجأ إلى وسطاء أجانب لتزويدها بالأنابيب من الخارج بعد أن توقفت عن شراء نفس المنتجات وبجودة عالمية أفضل من مصنع عنابة في ظروف مجهولة.
وأوضح قوادرية أن الحكومة وعدت الشريك الهندي مالك أرسيلور ميتال في مارس الفارط بتجديد عقد شراكته الذي ينتهي سنة 2012 في مقابل التزامه برفع استثماراته بالجزائر إلى 500 ميلون دولار إلى غاية 2015 ومنها تجديد خطوط الإنتاج وتجديد الفرن العالي والمفحمة، حيث التزم الطرف الهندي بتقديم مبلغ 105 مليون دولار نقدا كمساهمة لرفع رأسمال المصنع، فيما يتم الحصول على المبلغ المتبقي أي 395 مليون دولار من بنك الجزائر الخارجي بشروط ميسرة، إلا أن الضغوط التي يتعرض لها الشريك الهندي بسبب الأزمة العالمية لم تسمح له بالوفاء بالتزاماته المحلية، مما شجع الحكومة على المضي نحو إعادة التفاوض لرفع حصة مساهمتها إلى51 بالمائة على الأقل في رأسمال المركب الاستراتيجي.
وقال قوادرية أن استرجاع المصنع أو حصة الأغلبية على الأقل هو بيت القصيد، وهي الرسالة التي فهمها العمال جيدا، وعليه ننتظر من الحكومة أحد الخيارين: إما السماح لبنك الجزائر الخارجي بتمويل عمليات المصنع أو استرجاع المركب بطريقة قانونية، لأن القانون يسمح لها بذلك، فعقد الشراكة الممتد لـ10 سنوات، انتهى رسميا هذه السنة كما هو منصوص عليه قانونا.
عبد الوهاب بوكروح الجزائر - الشروق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق