الخميس، 22 ديسمبر 2011

الجزائر:الزوايا‭ ‬والطرق‭ ‬الصوفية‭.. ‬البديل‭ ‬السياسي‭ ‬للأحزاب

image

بن‭ ‬بلة‭ ‬اتهمها‭ ‬بالليبرالية‮ ‬وبوتفليقة‭ ‬أشار‭ ‬على‭ ‬بومدين‭ ‬بدخول‭ ‬إفريقيا‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬التيجانية

الآرندي‭ ‬والآفلان‭ ‬والأفافاس‭ ‬أكثر‭ ‬الأحزاب‭ ‬جذبا‭ ‬لأتباع‭ ‬الزوايا

عرفت الجزائر في السنوات الأخيرة إعادة بعث قوي للزوايا والحركات الصوفية حيث تحولت إلى "منظمة للاستقطاب السياسي"، جمعيات شبيهة بالأحزاب إذ صار الولاء السياسي يمر عبرها أكثر مما يمر عبر الحزب، حيث قام بعض نواب المجلس الشعبي الوطني بإنشاء زوايا، وانخرطوا في موجة ما صار يعرف اليوم إعلاميا "بالتصوف السياسي"، فانتقلت بذلك الزوايا من منظمات مطاردة في عهد الحزب الواحد إلى أكبر رهان سياسي، حزبي يعوّل عليه في المواعيد الانتخابية القادمة لاستقطاب أصوات الناخبين، رغم أن كلمة زوايا مشتقة لغويا من كلمة "انزوى" أي اعتكف أو‭ ‬اعتزل‭ ‬العالم‮ ‬إلا‭ ‬أنها‭ ‬صارت‭ ‬اليوم‭ ‬هيئات‭ ‬ناشطة‮ ‬ومتغلغلة‮ ‬في‭ ‬النسيج‭ ‬السياسي‭.‬

عرفت الجزائر الزوايا بداية من القرن الخامس الهجري وحسب دراسة للأستاذ مأمون القاسمي منشورة على موقعه بالأنترنت، فإن الزوايا "تطورت بشكل كبير خلال القرن العاشر الهجري، بعد سقوط الأندلس، وامتداد الأطماع الأوربية إلى السواحل الجزائرية"، حيث صارت الزوايا أطرا لمحاربة هذه الأطماع، الدفاع عن الشخصية الجزائرية، حيث يؤكد الباحث في الثقافات الشعبية، الروحية الأستاذ عمر بن عيشة أن الزوايا "تنشط في أوقات الأزمات، عندما يكون كيان المجتمع مهدد، لهذا نجد دور الزوايا يتعاظم إبان المقاومات المختلفة التي مرت على الجزائر من الغزو‭ ‬الاسباني‭ ‬إلى‭ ‬الاحتلال‭ ‬الفرنسي،‮ ‬فنجدها‭ ‬مثلا‭ ‬تنتشر‭ ‬بشكل‮ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬القبائل‭ ‬بعد‭ ‬الاحتلال‭ ‬الإسباني‭ ‬لمدينة‭ ‬بجاية،‮ ‬لهذا‭ ‬عرفت‭ ‬بلاد‭ ‬القبائل‭ ‬ببلاد‭ ‬‮"‬ازواوين‮"‬‭ ‬لأنها‭ ‬شهدت‮ ‬إحدى‭ ‬أقدم‮ ‬الزوايا‭.‬
كما تشير المصادر التاريخية، أن زاوية أبي زكريا الزواوي التي أسسها الشيخ أبو زكريا يحيى بن أبي علي المشتهر بالزواوي "ت 611هـ"، وتولى التدريس بها الشيخ أبي مدين شعيب، قد كان لهذه الزوايا الدور الكبير فيما بعد في محاربة حركة التنصير التي باشرها الأباء البيض في منطقة القبائل خلال الاستعمار الفرنسي، ويؤكد الأستاذ بن عيشة أن الدولة العثمانية هي التي قضت على الزوايا الأصلية وابتدعت زوايا الشعوذة، المذاهب القادمة من تركيا، هو نفس الاتجاه الذي سعت فرنسا إلى تكريسه بعد أن اكتشفت الأهمية المتعاظمة للزوايا، وقوفها في وجه حملتها الاستعمارية، فعملت كل ما بوسعها لتحطيمها، تكسيرها، إنشاء زوايا موالية لها عملت على تكريس الشعوذة، نشر الجهل، الخرافات حيث كانت تقول للناس إن الاستعمار قدرا مفروضا من الله، لن ترفعه إلا إرادة الله فقد أدركت فرنسا أهمية الزوايا، فعملت على استغلالها لصالحها، حيث يذكر أحد الفرنسيين "ايفوان توران" أن فرنسا وجدت صعوبة كبيرة لإقناع الأهالي بالانضمام إلى المدارس التي أنشأتها لأن الزوايا التي كانت تمارس التعليم الأهلي أقنعت السكان بأنها "مدارس النصارى"، فقادت ضدها حملات شعبية منها انتفاضة 1871 التي مست كل من‮ ‬برج‭ ‬بوعريريج‭ ‬ومازونة‭ ‬وبجاية‭.‬
وتذكر دراسة الأستاذ مأمون القاسمي أن الزوايا كان لها الدور الكبير في تجنيد الناس ضد المكاتب العربية الموالية للإدارة الفرنسية، فكان أن ابتكرت الزوايا في القرن التاسع عشر أسلوب الحرب النفسية التي حمت المذهب السني والتربية الصوفية التي كان لها أكبر الأثر من الجانب النفسي، المعنوي، الثقافي في تجنيد الشعب الجزائري ضد الاحتلال الفرنسي، بعضها كانت مراكز للثورة ضد فرنسا، مقرا لجمع المال والسلاح وقواعد خلفية للمجاهدين زيادة على كونها مراكز لتنظيم شؤون المواطنين، وهكذا عجزت الإدارة الفرنسية في الاستيلاء على زمام أمور الجزائريين، لهذا فليس من غريب الصدف أن يكون كبار قادة الثورة كلهم مرتبطين بالزوايا أو خريجي الزوايا أمثال عميروش، العقيد شعباني، مصطفى بن بولعيد، حسين أيت احمد وغيرهم. لهذا حاولت فرنسا أن تكسر هذه القاعدة، تعيد بناء زاوية تابعة لها فانتشرت الطرقية التي حاربها‮ ‬قادة‭ ‬الإصلاح‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭. ‬
 
بن‭ ‬بلة‭ ‬وبومدين‮ ‬وجمعية‭ ‬العلماء‭ ‬المسلمين‭ ..‬‮ ‬قصة‭ ‬الصراع‭ ‬مع‭ ‬الزوايا‭ ‬
بعد الاستقلال عملت الدولة الوطنية على تهميش الزوايا نتيجة الخيار الاشتراكي الذي عارضه شيوخ الزوايا، فاتهمها بن بلة بالليبرالية، فكانت بداية القطيعة بين الزوايا، السلطة السياسية في البلاد، حيث يشير الباحث سعيد جاب الخير في هذا الصدد إلى أن السلطة عملت على مصادرة أملاك الزوايا والطرق الصوفية بعد الاستقلال، بل تم هدم بعضها، كما تم تغييب البعد الصوفي للهوية الجزائرية، وتراث الطرق الصوفية من برامج التعليم ومؤسسات الإعلام والتنشئة الاجتماعية، إضافة إلى تشويه صورة التصوّف في البرامج والأبحاث الجامعية.
ومنعت الدولة نشاط الطرق الصوفية، بل وسجن بعض شيوخها مثل الشيخ المهدي بن تونس والد الشيخ خالد بن تونس، الشيخ الحالي للطريقة العلاوية في الجزائر، قد عمل الرئيس الراحل هواري بومدين كل ما بوسعه لتهميش وتحييد الزوايا عن مراكز القرار السياسي، رغم أن العديد من قادة الدولة الفتية يومها كانوا خريجي زوايا، مرتبطين بها بمن فيهم بعض ضباط الجيش الوطني الشعبي بحكم تاريخهم العائلي، حيث يذكر جاب الخير أن "سيدي عبد المجيد بن حملاوي رحمه الله شيخ الزاوية الرحمانية في تلاغمة، وهي الزاوية التي درس فيها الرئيس الراحل هواري بومدين، خيّره الرئيس بومدين بين الاستمرار في الجيش أو قطع علاقته بالطرق الصوفية، فاختار أن يخرج من الجيش ولا يقطع علاقته بالتصوف، ذهب بومدين أبعد من ذلك، حيث وضع رموز الحركة الصوفية، شيوخ الزوايا تحت الرقابة، وقام بإدخالها تحت دائرة النظام الأصلي، وقال يومها في إحدى خطبه "اتركوا الزوايا لي، أنا أعرف كيف سأتعامل معها"، فكانت بداية إعادة صياغة أسلوب جديد للسلطة في تعاملها مع الزوايا، حيث يشير الأستاذ عمر بن عيشة إلى أن "النظام الجزائري بعد الاستقلال تبنى نفس النمط الفرنسي للزوايا، أسلوبها بمحتوى مغاير"، حتى ظلت الزوايا‭ ‬محل‭ ‬تجاذبات‮ ‬وإن‭ ‬كان‮ ‬شيوخ‭ ‬الزوايا‭ ‬يرفضون‭ ‬الارتباط‭ ‬المباشر‭.‬
ومع مجيء الرئيس بوتفليقة إلى السلطة، انفتح المجال أمامهم، حيث أصبحت لهم حرية العمل في إطار القوانين السارية في البلد. وخلال العشرية الدموية، كان للطرق الصوفية في الجزائر دورا لا يمكن إنكاره في الدعوة إلى وقف العنف وحقن دماء الجزائريين، حيث يؤكد الصوفية على حرمة الاقتتال بين المسلمين مهما كانت الأسباب والعناوين والشعارات المرفوعة لتبرير ذلك، من جهته الباحث عمر بن عيشة، وفي دراسة قيد الإنجاز حول تاريخ الزوايا في الجزائر قال إن "الفضل يعود إلى الرئيس بوتفليقة في رد الاعتبار للزوايا سنوات الستينيات وبالضبط عام "1967" عندما وقع خلاف داخل القيادة الجزائرية في كيفية استخدام الزوايا لاستقطاب إفريقيا، فأشار بوتفليقة حينها على الرئيس الراحل هواري بومدين، إلى أن يدخل القارة السمراء من بوابة التيجانية، لأنها تضم أغلب القادة الأفارقة، وقد ظهر هذا التأثير عند وفاة أحد شيوخ التيجانية في السنيغال عام 1983، وهو جزائري شيّع ودُفن في الجزائر في جنازة كبيرة حضرها أكثر من 3 آلاف إفريقي، جاؤوا خصيصا لأجل هذا الغرض، فوقع يومها نقاش في كيفية الاستفادة من هذا الإرث والتراث، ليعقد اجتماع بهذا الشأن جمع كلا من الرئيس السابق الشاذلي بن جديد‭ ‬والجنرال‭ ‬لكحل‭ ‬عياط‮ ‬والجنرال‮ ‬الراحل‮ ‬العربي‭ ‬بلخير،‮ ‬اتفقوا‭ ‬على‭ ‬تثمين‭ ‬هذا‭ ‬الإرث‭.‬
 
الزوايا‭ ‬بديلا‮ ‬عن‭ ‬الأحزاب
الجدير بالذكر أنه، رغم أن شيوخ الزوايا نادرا ما يقبلون التعامل مع قادة الأحزاب، الحركات الإسلامية إلا أن قادة الحزب المحظور حاولوا مغازلة شيوخ الزوايا للحصول على الثقل الشعبي، حيث حاول عباس مدني أن يحصل على بركة زاوية بالكبير، في أدرار، لكن حمروش عمل على قطع الطريق أمامه عن طريق شيخ زاوية من وهران، كانت تربطه علاقة قرابة مع أحد النافذين في الحكومة الذي أوفده في مهمة إقناع شيخ زاوية بالكبير للحيلولة دون استقبال عباسي الذي عاد أدراجه خائبا، بعد أن قال له الشيخ "أهلا بك للضيافة، لكن ممنوع الحديث في السياسة". بعد‭ ‬الأزمة‭ ‬الدموية‮ ‬أدركت‭ ‬السلطة‭ ‬أنها‭ ‬مدعوة‭ ‬لإعادة‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬الزوايا،‭ ‬فقامت‭ ‬برد‭ ‬الاعتبار‭ ‬للإرث‭ ‬الصوفي‭. ‬
 
الزوايا،‮ ‬لعبة‭ ‬الانتخابات‭ ‬الجهوية‭ ‬الجديدة‭ ‬تدخل‭ ‬المجال‭ ‬السياسي
بعد التسعينات تم رد الاعتبار للزوايا، رفع الحظر السياسي على نشاطاتها، فظهرت الجمعية الوطنية للزوايا في 1991 ـ 1992 ليظهر بعد ذلك الاتحاد الوطني للزوايا في 2003 الذي كان له الدور الحاسم في حشد الدعم للرئيس بوتفليقة في انتخابات 2004، وفق دراسة نشرتها مجلة لكسبرس‭ ‬الفرنسية‮ ‬في‭ ‬2008،‭ ‬أقرت‭ ‬أن‭ ‬الزوايا‭ ‬في‭ ‬الجزائر‭ ‬أكثر‭ ‬تأثيرا‭ ‬من‭ ‬المخابرات،‮ ‬وكان‭ ‬لها‭ ‬الأثر‭ ‬الأكبر‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬بوتفليقة‭ ‬إلى‭ ‬كرسي‭ ‬المرادية‮.‬‭ ‬
‮ ‬وقد‭ ‬قدر‭ ‬عدد‭ ‬الزوايا‮ ‬وفق‭ ‬إحصائيات‭ ‬رسمية‮ ‬بـ300‭ ‬زاوية‭ ‬عاملة‭ ‬بما‭ ‬فيما‭ ‬المدارس‭ ‬القرآنية‮ ‬منها‭ ‬50‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬القبائل‭ ‬وحدها‭.‬
وحسب الباحث عمر بن عيشة تتفرع هذه الزوايا عن 6 طرق صوفية كبرى في الجزائر، وهذه الطرق بدورها تتفرع إلى طرق وزوايا، حسب ذات المتحدث هناك ما بين 15 إلى 20 شيخ زاوية يملكون نفوذا سياسيا في الجزائر يستمدون العرفان الفقهي، الديني من إرث أجدادهم، دعم الدولة لهم، هم مستقطبين سياسيا، وقد انتقل هذا العرفان الفقهي اليوم إلى العرفان العلمي، إذ نجد أغلب شيوخ الزوايا اليوم، أتباعها من المتخصصين في الفيزياء، الرياضيات والطب، الإنسانيات. تتقاسم حوالي عشر زوايا النفوذ والسيطرة على المجتمع الجزائري أهمها حسب الباحث بن عيشة العلوية، الهبرية، التيجانية، البلقايدية، القادرية، السنوسية، الرحمانية، يضيف المتحدث أن أكثر الزوايا التي تستقطب اليوم الجزائريين سياسيا نجد الزاوية الرحمانية التي يستقطب أتباعها من قبل الأفافاس، الأرندي، حزب جبهة التحرير في المرتبة الأولى، الهبرية البلقايدية‮ ‬التي‭ ‬تضم‭ ‬الأفلان،‮ ‬الأرندي،‮ ‬رجال‭ ‬المال،‮ ‬الأعمال‮ ‬ثم‭ ‬تأتي‭ ‬التيجانية‭ ‬في‭ ‬المرتبة‭ ‬الثالثة،‮ ‬والتي‭ ‬تضم‭ ‬بعض‭ ‬أتباع‭ ‬حزب‭ ‬الأرندي،‮ ‬الأفلان‭.‬
كما يمتد تأثير هذه الطرق إلى خارج الجزائر، حيث يشكل نفوذها وعاء مهما بإمكان الجزائر أن تستغله مستقبلا، حتى دبلوماسيا، فالطريقة التيجانية فقط لديها أكثر من600 مليون تابع في الخارج أغلبهم في إفريقيا، ينضوي تحتها أغلب الزعماء الأفارقة، أتباع السنوسية في إفريقيا، أسيا يقدّرون بأزيد من 200 مليون، بينما امتد تأثير العلوية إلى أروبا، حيث استقبل شيخها خالد بن تونس من قبل بابا الفاتكان، الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، قد كان شيخها أحد الأطراف الفاعلة في مجابهة المد الوهابي.
‮ ‬
عدة‭ ‬فلاحي‭ ‬المكلف‭ ‬بالإعلام‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الشؤون‭ ‬الدينية
الزوايا‭ ‬تابعة‭ ‬لوزارة‭ ‬الداخلية،‮ ‬الشؤون‭ ‬الدينية‭ ‬تمنح‭ ‬فقط‭ ‬الإجازة‭ ‬العلمية
 
 قال المكلف بالإعلام عدة فلاحي في تصريح للشروق إن وزارة الشؤون الدينية غير مسؤولة من الناحية القانونية عن الزوايا، لأنها تابعة لوزارة الداخلية ويجري عليها ما يجري على الجمعيات والشؤون الدينية، تتعاون معها في الشق المتعلق بالإجازة العلمية للطلبة المتخرجين منها،‮ ‬حيث‭ ‬تقام‭ ‬لهم‭ ‬مسابقات‭ ‬في‭ ‬المعاهد‭ ‬الدينية‭ ‬التابعة‭ ‬للوزارة‭ ‬عبر‭ ‬الوطن،‮ ‬على‭ ‬أساسها‭ ‬تمنح‭ ‬لهم‭ ‬الإجازات‭ ‬العلمية،‭ ‬كما‭ ‬تستعين‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬أثناء‭ ‬الدروس،‮ ‬المناسبات‭ ‬الدينية‭.‬
  
رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬العلماء‭ ‬المسلمين‭ ‬عبد‭ ‬الرزاق‭ ‬ڤسوم
‬فرنسا‮ ‬غذّت‮ ‬الخلاف‭ ‬بين‭ ‬الجمعية،‮ ‬الزوايا،‮ ‬دخولها‭ ‬إلى‭ ‬السياسة‭ ‬بدعة
 
 قال رئيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الدكتور عبد الرزاق ڤسوم أن الخلاف بين الجمعية، الزوايا يعود إلى زمن تأسيس جمعية العلماء التي ضمت جل علماء الأمة، بما في ذلك بعض شيوخ الزوايا الذين تصدوا لمحاربة الاستعمار الفرنسي، فعمد هذا الأخير إلى شق الصف بإنشاء جمعية "السنة"، كان المعنيون يتهمون جمعية العلماء المسلمين بكونها جمعية سلفية، بعيدة عن نهج السنة العطرة، ويضيف الدكتور ڤسوم أن فرنسا عملت على بعث جمعية مناهضة لجمعية العلماء من خلال استعمال مصطلح يحقق إجماع المسلمين، هي السنة، تكرس حسب ڤسوم الخلاف بين الاتجاهين عندما أقدمت الجمعية على مهاجمة بعض شيوخ الزوايا الذين كانوا يدعمون الاستعمار من خلال نشر الشعوذة، حيث كانت مقالات الشيخ الطيب العقبي تهاجم الطريقة، تدعوا إلى تطهير العقيدة من كل أنواع البدع، الخرافات وكذلك كانت مقالات الشيخ ابن باديس، البشير الابراهمي الذي أفحم شيوخ الزوايا عبر سلسلة مقالاته "تعالوا نسائلكم"، كذلك فعل الشيخ مبارك الميلي في "الشرك ومظاهره" التي عملت على محاربة كل أشكال الدجل، البدع غير أن هذا لا يمكن أن نعتبره حربا ضد كل الزوايا، خاصة تلك التي كانت تعمل على تدريس القرآن، والسنة فإنها‮ ‬وجدت‭ ‬كل‭ ‬الدعم،‮ ‬المؤازرة‮ ‬من‭ ‬طرف‭ ‬شيوخ‭ ‬الجمعية،‭ ‬بل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬الشيخ‭ ‬ابن‭ ‬باديس‭ ‬قد‭ ‬طلب‮ ‬عدم‭ ‬مهاجمة‮ ‬الزوايا‭ ‬الموجودة‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬القبائل،‭ ‬نظرا‭ ‬لنشاط‭ ‬حركة‮ ‬التنصير‭.‬
كما فند ڤسوم أي علاقة لجمعية العلماء المسلمين بما عرف بمساندتها لنظام بومدين، حيث أوضح في حديثه مع الشروق أن الشيخ حماني، الشيخ مزهودي، عبد اللطيف سلطاني، الشيخ سحنون، غيرهم لم يثبت عنهم أنهم كانوا مساندين للسلطة أو انخرطوا في أي مسعى من مساعيها، بل بالعكس فقد تصدى الشيخ سلطاني لبومدين، أضاف المتحدث أنه لا يستطيع أن يفصل في ولاء شيوخ الزوايا من عدمه للسلطة، لأنه لا يملك معطيات عنهم، كما قال ڤسوم إن مسببات الخلاف بين الجمعية والزوايا قد زالت بزوال الاستعمار، فاليوم قد ارتفع المستوى الثقافي، صار الناس يبتعدون عن كل ما يفسد العقيدة، لذا فلم يبق أي مبرر للصراع بين الجمعية، وتيار الزوايا. من جهة أخرى قال عبد الرزاق ڤسوم إن اشتغال الزوايا بالسياسة، أمر مخالف للجوهر الحقيقي للتصوّف الذي يعني الصدق، الصفاء مع الله تعالى.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق